الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المؤرخ عبد اللطيف الحناشي: إعتداء داعش على متحف الموصل يذكرنا بغزو هولاكو لبغداد

نشر في  04 مارس 2015  (09:25)

إعتبر عبد اللطيف الحناشي الأستاذ في التاريخ المعاصر والراهن بجامعة منوبة أنّ ما قام به تنظيم داعش من تحطيم لتماثيل تعود للحقبة الآشورية في متحف الموصل بالعراق هو عمل وحشيّ يذكرنا بما قام به هولاكو عند غزوه لبغداد فقد ألقى بالكتب في الرافدين ولكن داعش حرقت الكتب وحرقت الإنسان ودمرت جزء من الذاكرة الإنسانية... المسلمون الأوائل وبعد فتحهم لبلدان ذات حضارات عريقة كإيران وبلاد الشام ومصر وتونس حافظوا على التراث المادي لتلك البلدان ولم يمسّوها بسوء فالأهرامات ومسرح قرطاج والجم مثلا ظلوا كما هم عليه... بالتأكيد وقعت تجاوزات لكنها كانت محدودة...

وأضاف محدّثنا "إذا وفي القرن 21 وأين بلغ الإنسان تقدما لا مثيل له في كل الميادين نكون شاهدين على اكبر مجزرة في حق الذاكرة البشرية، انه الإجرام والتوحش. اذكر فقط أن الدليل النظري أو الإيديولوجي "لداعش" يحمل عنوان"إرادة التوحشّ" فماذا يمكن أن ننتظر منهم خيرا هذه الوحوش المدمّرة؟"

من جهة أخرى، عدّد الأستاذ الحناشي الحلول الممكنة للتصدّي لهذا التنظيم الوحشي وقال: "إنّ تنظيم داعش "الدولة الإسلامية" يمثّل مشروعاً شمولياً على المستوى الفكري، وتوسُّعياً على المستوى الجغرافي. يعد هذا التنظيم مشروعاً معقداً ومركّبا؛ فقد اعتمد منذ انبعاثه على العنف والإرهاب لتحقيق مآربه، سواء لتصفية مخالفيه والمتصدين له، أو للسيطرة على مصادر الطاقة وعلى الحدود الدولية.

وواصل محدثنا "لذلك يمكن اعتباره مشروعاً معقّداً ومركبا؛ إذ تتطلب عملية التصدي له:

-أولاً، تحديد العوامل التي ساعدت هذا التنظيم على التمدد الجغرافي والتضخّم البشري، ومن ثم تحديد المخارج الممكنة للتصدي لهذه الظاهرة من أجل محاصرتها، وتقليص حجم انتشارها، حتى التمكن من القضاء عليها. ولا شك أن تطور هذا التنظيم على الأرض يتطلب آنيا وعاجلا تنسيقاً أمنياً واستخباراتياً بين الدول العربية جميعها، بهدف منع نشاط عناصر هذا التنظيم وتوابعه في هذا الإقليم أو ذاك، وخاصة ضرورة وقف نزيف هجرة الشباب إلى ساحات القتال.

-ثانياً: تدخلاً عسكرياً، عربياً، مباشراً حتى لا يتمدد التنظيم جغرافياً على حساب دول أخرى فإن كان لايزال هنالك رادع ثقافي/فكري.. كيف يمكن توظيفه بنجاعة ضد الطوفان الداعشي؟ وباعتبار أن أصل الإرهاب، السياسي، هو في الأصل عنف فكري واعتقادي، على أساس أن الفكر يولد السلوك ويحدّد شكله ومداه، فإنّ عملية التصدي لهذه الظاهرة يجب معالجتها، من خلال إقامة استراتيجية واضحة تعتمد على:

- قراءة تاريخية لأصل التطرف الفكري ونشأته، وأهم رموزه وأهدافه ومقرراته ووسائله وأساليبه ومحاضنه.

- تفكيك الجذور الفكرية التي يستند عليها الإرهاب ويتغذى منها وذلك بالاعتماد على علماء الدين المتمكّنين والمتعمّقين، العارفين بتفاصيل وخصائص الشريعة ووسطية الإسلام السمح، والتي تعد سمة ثابتة وبارزة في الاعتقاد، والتشريع، والتكليف، والعبادة، والشهادة"...

كما اعتبر عبد اللطيف الحناشي في نهاية حديثه معنا انّه لا يمكن للعالم أن يتصدى لفساد وبطلان فكر الغلو والتطرف، ما لم يكن مقتنعاً لدرجة اليقين بفساد فكر هؤلاء، مالكاً لأسلوب بيداغوجي يعتمد الحجة والدليل وقوة الإقناع الحقيقي.

ولمواجهة ثقافة الإرهاب والتطرف، يقول الحناشي لا بد من نشر الثقافة الديمقراطية القائمة على الانفتاح واحترام الرأي الآخر، وعلى الحرية والعدالة وتأصيل الثقافة الشاملة، ونشر الثقافة الإسلامية التي تدعو إلى التراحم والتسامح والمحبة والتعايش والإخاء، والعمل على مواجهة ثقافة الفتنة والتطرف.

منارة ثليجاني